15‏/12‏/2008

كل اناء بما فيه ينضح


كل إناء بما فيه ينضح
هيثم المسلمي


هاهو شهر رمضان يطرق عتبات أبوابنا وكما يحبذ البعض يطرق عتبات قنواتنا الفضائية ويمكننا أن نقلب المعادلة لتتزن وتتضح الرؤيا أكثر .نلاحظ ومنذ زمن مدى كثافة الأعمال الدرامية التي يتحفنا بها صناع المسلسلات والبرامج الخليجية والعربية في شهر رمضان المبارك بالذات دون بقية الأشهر الأخرى. لماذا ؟ سؤال (يسدح) نفسه وبقوة على ساحة المشاهد العربي.نشاهد دعايات المسلسلات بمختلف أنوعها قبل قدوم الشهر الفضيل بفترة طويلة كتحصيل تسويقي حاصل للقنوات وهذا حق لايمكن أن ننكره. تتسابق العديد من الفضائيات إلى احتواء هذه الأعمال بسرعة البرق لتضمن تسمر المشاهد العربي خلف شاشاتها طيلة الشهر الفضيل بينما يغيب تقريبا بقية الشهر عن التموضع أمامها. سؤال يحيرنا منذ أمد. هل تزداد شهية وإقبال المشاهد العربي للأعمال الدرامية وبرامج المسابقات على وجه الأخص في شهر رمضان فقط؟ هل هو استهتار من صناع هذه الأعمال بقيمة وعقل المشاهد حتى يطعم في شهر واحد بوجبة دسمة جدا ومن العيار الثقيل من المسلسلات حتى يصاب بالتخمة لدرجة يصل فيها إلى نقطة الضياع حين يقلب بين محطات الفضائيات بجهاز الريمونت كنترول .بينما نجد في بقية الأشهر سلسلة متكررة من إعادة للأعمال الرمضانية أو مسلسلات البعض منها لا يسمن ولا يغني من جوع قد يقف عليها المشاهد لحظة من الزمن في عملية بحثه الطويلة عما يمكن أن يشاهده على شاشة تلفازه . نقطة أخرى تضاف إلى الإناء حتى ينضح بما فيه , نلاحظ كثرة الأعمال الدرامية الاجتماعية التي تهتم بقضايا تحدث داخل المجتمع الخليجي بالأخص كما نلاحظ اختفاء أعمال الفانتازيا التأريخية التي أتحفنا بها المخرج نجدة إسماعيل أنزور ردحا من الزمن عبر سلسة من أعماله الخيالية المتواصلة.نرحب بوجود مسلسلات تعالج قضايا داخل مجتمعنا الخليجي ولكن الشيء الذي يزيد عن حده سينقلب ضده كما يقال, أجل لقد أصابنا الملل من كثرة هذا النوع من المسلسلات والمآسي التي تحتويها حتى صرنا لا نتوقع إلا الأسوأ في مجتمعاتنا كالغدر والطمع والظلم وتسلط الغني على الفقير. ومما يزيد الطين بلة ويضيف قطرات إلى الإناء المملوء إياه هو تكرر مثل هذه الثيمات أو المواضيع في كل شهر حتى بتنا نعيش إيقاع الأفلام الهندية التي تتوقع نهايتها بمجرد أن تبدأ بمشاهدة عشر دقائق منها في البداية, بطل وبطلة , هنالك أشرار في الجوار, أغاني هندية درامية ثم يموت البطل .هكذا هو الحال مع المسلسلات الخليجية الاجتماعية في الآونة الأخيرة وكذلك بالنسبة للمسلسلات العربية بالأخص فيما يتعلق بالسير التأريخية التي أصبحت هوسا فنيا مؤخرا أكثر من كونها رسائل عبر واعتبار ممن سبقونا وخلدوا أمجاد العرب والمسلمين. مواضيع وأفكار مكررة تركز على نقاط بات الجميع يعرفها وان لم يعرفها فيكفيه أن يتصفح كتابا تاريخيا وينهيه ف ليلة واحدة بدل التسمر خلف شاشة التلفاز لشهر كامل. بالله عليكم لقد سئمنا هذا الإيقاع الرتيب المضجر, أين التجديد؟ لماذا لا نعود قليلا إلى أعمال الفانتازيا كفرصة لالتقاط الأنفاس والبحث عن جديد ؟ أين اختفى نجدة إسماعيل أنزور ومن يحذو حذوه ؟ ولماذا لا نركز على قضايا أخرى مهمة في أعمالنا الدرامية كالوضع في العراق أو الأراضي المحتلة أو ما يجري في السودان؟ هل هو الخوف من الخوض في السياسة ياترى ؟ إذا لقد رأينا أعمالا خاضت في لب السياسة وتداعياتها كأفلام أيام السادات وجمال عبد الناصر ومسلسلات الطريق إلى كابول و الملك فاروق وغيرها من الأعمال. ومازال السؤال يعصف في أذهاننا لدرجة نوجه فيها نداء المستغيث إلى صناع الدراما والفن السابع في وطننا العربي , لاتزيدوا الصب في الإناء المملؤء أصلا, فكل إناء بما فيه ينضح وربما ينفجر بما فيه ومن حوله ورمضان كريم للجميع.

ليست هناك تعليقات: