15‏/12‏/2008

ابحــــــــــــــــار في عبقرية قـــــــــــــائد


اسمه قابوس ( إبحار في عبقرية قائد ) .

هيثم المسلمي


دعونا نبحر بعيدا عن كل ما هو مألوف.بعيدا عن شعارات الوطنية والأهازيج الشعبية والفلكلورية التي أصبحت تتكرر في كل يوم 18 نوفمبر ولكنها بحلة جديدة في مضمونها طبعا. بعيدا عن " أعترف لك " لمحمد المخيني و " عمان " لأيمان محمد علي وبعيدا عن الأوبريتات الغنائية الوطنية التي لطالما عطرت إيقاع زماننا وفخرنا بعمان. دعونا نستقل سفينة أشرعتها والتأمل ونبحر ولو لوقت قصير فيمن أطلق عليه أسم " قابوس ".قابوس, ملحمة الأرض و الإنسان .

نقادٌ ومفكرون كثيرون فعلا احتاروا وأصابهم الذهول في حكمة القائد المفدى. أصبح قابوس قاب قوسين أو أدنى من أن يكون كل كلامه حكما ولن يغالي أبدا إذا أراد القول مثلما قال الشاعر " لو أردت أن أجعل كل كلامي شعرا لفعلت" فيقول " لو أردت أن أجعل كل كلامي حكما لفعلت ".ففي كل خطاب سامي يلقيه جلالته يشتد الانتباه وتشحذ الحواس الخمس للتعمق فيما يقوله في خطابه كلمة كلمة وعبارة عبارة. يتجمع المحللون والنقاد والمفكرون للتدارس والاستماع إلى مقولاته التاريخية وحكمه التي تشف وبشكل باهر عن بعد نظر لا يعترف بالمكان ولا الزمان بل هو حوارٌ راقي يحاور فيه الماضي والحاضر ويداعب عتبات المستقبل بشغف وحكمة مستنيرة ندر أن يوجد نظيرٌ لها في مختلف الأبعاد الزمنية.فهو أن قال " نحن لن نسمح بمصادرة الفكر " مباشرة ترتسم في قلوب العمانيين وأرواحهم وعقولهم مدى البعد الفكري الذي يحمله جلالته ومدى وعيه الكبير بالأهمية الثقافية والمعرفية العمانية كما يتدرج الحث والتشجيع على الإنتاج الفكري في قالب يعتز بهويته وانتماءه لحضارة طالما أذهلت الحضارات بفكرها ويؤكد أيضا على نقاء وصون الفكر العماني في كامل أبعداه و توجهاته. ومهما ذكرنا من أمثلة تؤكد على مدى العبقرية الساحرة لمولانا المفدى فإننا لاشك سنبحر كثيرا ونتعمق كثيرا في رحلة طويلة لا حدود لها.

أما إذا أرخينا الشراع قليلا لنتوقف في مراسي في بحر عبقرية هذه الملحمة الفذة التي فاقت المدينة الفاضلة الأفلاطونية تأثيرا وكمالا ونافست الإلياذة والأوديسة لهوميروس شهرة ً فسنجد بلا شك أننا في عقلية جبارة صاغت أفكارها وأبعادها في قالب ٍ يجمع كل الألوان ويغطي كل الجوانب والمعارف.

فعلى الصعيد السياسي : يعرف قابوس ببعد نظره وحكمته السياسية التي تستمد من مقولته الرائعة " لا ضرر ولا ضرار ". هذه المقولة لو تمهلنا قليلا في قراءتها ووضعناها تحت مجهر عقولنا لانبهرنا بشمولها وبساطتها فعلا. حيث تتضح فيها الكثير والكثير من الأهداف والأسس السياسية التي تقوم عليها العبقرية السياسية للقائد المفدى. فعبر التاريخ يلاحظ العالم أجمع مبادئ السياسة التي ينتهجها جلالته مع مختلف الدول الشقيقة والصديقة . فالانقياد الأعمى والانحياز لتحزب أو تكتلٌ ما لا يمت بصلة إلى هذه المبادئ . فلقد أعتاد جلالته أن يحكم العقل قبل القلب في مختلف قراراته السياسية وأن ينهج المنهج الأمن الذي يكفل لشعبه الأمن و الاستقرار بعيدا عن الغوغائية والتشدق بأفكار سياسية مستهلكة أو أفكار مستنبطة من واقع لا يعي ما يحدث في العالم العربي والإسلامي والغربي. فشهد له التاريخ بصحة منهجه السياسي عبر الكثير والكثير من التجارب والأزمات التي ينوء بحملها الكثير من القادة حول العالم.

أما على الصعيد الاقتصادي : فلقد أثبتت حكمة القائد الأغر أنها ذات تأثير فعال ومباشر في اقتصاديات البلد وتوجهها الإنتاجي. وما الصمود في ظل الأزمة التي اجتاحت سوق المال والاقتصاد في العالم أجمع إلا نتاج فعال ومباشر لتلك الحكمة والعبقرية الاقتصادية الفذة.ولطالما نسمعه ينادي بضرورة تقوية كافة المجالات الاقتصادية والحيوية في البلاد وعدم الاعتماد على مصدر واحد للدخل " النفط والغاز ". ولم يكن هذا مجرد قول لا يتبعه فعل . فلقد تحركت همم الشعب تطبق حكمة باني النهضة في أخلاص ووفاء فاندفع للبناء والتعمير الاقتصادي في كافة المجالات حتى التي لم تكن معروفة منها.أصبح مصطلح " التنوع الاقتصادي" منهجا مهما في صياغة العديد من التوجهات التجارية والصناعية والزراعية والحرفية في السلطنة.


وأخيرا إذا تطرقنا إلى الصعيد الاجتماعي: فيتجلى لنا البعد الراقي والمتحضر للفكر السلطاني.فالإدارة الناجحة والمنهج القيمي والأخلاقي سمة من سمات العبقرية الاجتماعية لقابوس المفدى. نظرة ٌ شمولية مبدعة هي تلك التي يمتلكها رجل ٌ يمثل القدوة والحصانة والملاذ والأسلوب الاجتماعي الفذ لشعبه الأبي. فحق لنا أن نفخر بقابوس الإنسان إلى جانب فخرنا بقابوس الأرض والعطاء.

ليست هناك تعليقات: