15‏/12‏/2008


الخاصية الفراغية في الأعمال الفنية.
هيثم المسلمي


الفراغ هو ذلك الفضاء الرحب, او فلنقل كل مالاتشغله المادة من حيز. الفراغ موجود في كل مكان من حولنا.بل اصبح يتخذ اشكال ومسميات عدة , الفراغ اللحظي, الفراغ الزمني, الفراغ الفني, الفراغ الالكتروني أو الكهربائي, الفراغ العاطفي, الفراغ الحسي وغيرها الكثير والكثير من اشكال الفراغ. وبما أن بعض النظريات تؤكد على أن كل شيء في هذا الكون هو مادة ( سواء كان محسوا أو غير محسوس) فالفراغ ايضا هو الأخر مادة. على العموم دعونا من التفاسير العلمية للفراغ ولندخل الى فراغ يهمنا كمصصمين وفنانين الا وهو الفراغ الفني.أو بصورة أوضح ’الخاصية الفراغية في الأعمال الفنية.

في العمل الفني سواء كان لوحة أو تصميما أو صورة أو حتى مجسما أو منحوتة يلعب الفراغ دورا كبيرا في مؤازرة الفكرة الرئيسية أو الشخوص التي يبرزها ذلك العمل. فلنأخذ لوحة ما لمنظر طبيعي في مكان ما مثلا.باللوحة كما يتضح هنالك جبال وأشجار وبحيرة وطيور وكل مايمكنك أن تتخيله من مكونات تكون منظر طبيعي. هنا في هذه اللوحة وعلى البحيرة التي تحتل المنتصف تماما يوجد قارب صيد عليه صياد قروي يرتدي قبعة من القش وثيابا رثة ملقيا بصنارته الى ماء البحيرة.اذا تمعنا في اللوحة أكثر سندرك أن الرجل وقاربه في وسط البحيرة الواسعة هما الشخوص الاساسية اللتان تقع عليهما عينا المشاهد في الوهلة الأولى.أول ما ستراه عينا المشاهد هو هذا الرجل وقاربه ولكن بعد ذلك يبدأ نظره في الانتشار الى باقي زوايا اللوحة أو الرسمة ( بقية لمنظر الطبيعي أو الخلفية) لتتأمل مختلف المكونات الأخرى التي ساندت ظهور الصياد وقاربه. نلاحظ أن الخلفية أسهمت وبشكل كبير في ابراز الصياد وقاربه وهنا تدخل عدة عوامل ساعدة الخلفية المحيطة في ظهور وابراز هذا الصياد ومنها:
· التباين اللوني بين الأزرق الخفيف (لون البحيرة) مع اللون الأخظر والبني( لون الأشجار والجبال)
· الزاوية التي تمحور فيها الصياد وقاربه ( وسط البحيرة=وسط اللوحة)
· العمق الفراغي الذي يبدأ من المنتصف لينتشر الى باقي الزوايا في اللوحة
· الانتشار الفراغي في عيني المشاهد, حيث أنه من الممكن أن تبدأ عينا المشاهد من ملاحظة الفراغ أو الخلفية من أسفل اطار اللوحة ثم الى منتصفها وصولا الى مركز اللوحة وأخيرا الى أعلاها ( الاطار العلوي حيث الجبال)


والأن لننتقل الى عمل فني أكثر احتواء لزخم مكونات أو تعقيدا ^_^ ألا وهو الفراغ في تصميم صوري معين. كلما قام المصمم بادراج الكثير من الزخم الفراغي في لوحته كلما قلل من center point للشخوص التي يود أن يبرزها في تصميمه. مثلا أن يصمم سيارة ما تكون في المنتصف ولكنه يكثر من ادراج تفاصيل فراغية مشابهة كسيارات اخرى مثلا في التصميم مما يفقد تركيز المشاهد على مايود المصمم اظهاره بالفعل ( السيارة ). وعلى ذكر التشابه فأن هنالك مصطلح يسمى بالفراغ الممل.أي الفراغ المتكرر شكلا وحجما ومسافة وهو مايدعوك الى التيهان أو الشعور بالممل لدى مشاهدتك له وأكبر دليل على هذا الفراغ الممل هو ( الكمة العمانية ) ^_^. فالكمة العمانية غالبا تشتمل على نقوش ورسومات متشابه جدا ومتكررة من مختلف الزوايا مما يجعلك تتساءل أين نقطة البداية فيها. والزخم الفراغي يتواجد بكثرة في الأعمال ذات الطابع الغريب. فنشاهد زخم فراغي متعدد الألوان يحيط بالشخوص الرئيسية في التصميم, وهذا يعود الى حاجة هذا الزخم المتنوع أو الهدف منه حسبما يرى المصمم .ولكن يمكن اعتباره سلاحا ذو حدين كما ترون.

والفراغ بحد ذاته يمكن اعتباره عملا فنيا يتواجد داخل عمل فني, أو جزء لايتجزء من فكرة فنية كاملة يحرص المصمم على نقلها لعين وعقل المشاهد.هنالك فنانون لايكترثون كثيرا بابراز تفاصيل فراغية في تصاميمهم وأعمالهم وهنالك فنانون يعطون الكثير من وقتهم وجهدهم وفكرهم ودقتهم في ابراز تفاصيل فراغية ولو كانت مهمشة مقارنة بالشخوص الاساسية في التصميم.اذا لايمكننا أنكار أهمية الحيز الفراغي كما لايمكننا أن نؤكد على تواجده المستمر في كل عمل فني.

ليست هناك تعليقات: